top of page

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

نسبه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، ويجتمع نسبه مع الرسول الكريم محمد  في كعب بن لؤي بن غالب، وأمه حنتمة بنت هشام المخزوميّة، وهي ابنة عم كل من أم سلمة، وخالد بن الوليد، وأبي جهل، ولقب سيّدنا عمر بالفاروق كونه يفرق بين الحق والباطل.

حياته قبل الاسلام 
عمر بن الخطاب من أشرافِ قريش، وكان سفيرا لقريش في الحربِ والسلم، عمل في الجاهليةِ في التجارة وكان تاجرا مشهورا وكان من أشدِ الناس عداوةً لرسولِ اللهِ.

صفاته ومكانته 
عرف عمر بن الخطاب -رضي الله- عنه بعدله فكان يؤدي الحقوقَ إلى أصحابِها، وكان زاهدًا وعابدًا ناسكًا ،قويًا أمينًا.

وكان لعمرَ بنِ الخطابِ منزلةٌ عظيمةٌ ومكانةٌ رفيعةٌ أيضا في رفعِ صرحِ الإسلامِ. فعمرُ شخصيةٌ فريدةٌ في نوعِها فذَّة، عظمةٌ في بساطة ، يقينٌ في قوة، قوةٌ في عدل، ورحمةٌ ورأفةٌ بجميعِ المسلمين.كان عمرُ قوياً في الحق، رحيماً بالفقراء والمساكين، وكان ذا شخصية مهيبة، ورغم ذلك كان سريعَ البكاءِ والخشوعِ بين يدي ربهِ، وصاحبَ فراسة    نادرة وعجيبة.

أهم ملامح حياته
إسلامه 

خرج عمر يبحث عن رسول الله  يبغي قتلَه، بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة، فأخبره أحدهم بإسلام اخته وزوجها قائلاً له: “ألا تذهب لقتل أختك وزوجها سعيد بن زيد فقد أسلما” فأسرع إليهما والغضبُ يكادُ يذهبُ بعقلِه، فلما دخل عليها وكان عندَها قومٌ يَقرأون القرآن فاختبئوا منه رُعبا وخوفا، فضرب شقيقتَه وزوجَها فلما رأى الدمَ يسيلُ من وجهِ شقيقتهِ أخذتهُ الرأفةُ بها فقال لها “أرني الصحيفةَ التي كانت معك” فرفضت فاطمة بنت الخطاب أن تعطيهَا له حتى يتوضأَ ويغتسل، فجعل فأعطتَه الصحيفةَ فتغيرَ حالُ عمر حين قرأ القرآن. {طـه * ما أنزلنا عليكَ القرآن لتشقى* إلا تَذْكِرةً لمن يخشى} طــه: ( ا - 3)


وانشرح صدر عمر بن الخطاب بعد قراءته للآيات الكريمة وأشرق نورُ الإيمان في قلبِه، فأسلم عمر وأعلنَ إسلامهَ، وذهب إلى أبي جهل وأخبره أنه تَبِعَ دينَ محمد، دينَ الحق، وكان إسلامُ عمر بعد إسلام حمزة عم الرسول بثلاثةِ أيام. وقدكان رسولُ اللهِ  يدعو اللهَ أن يُعِزَّ الاسلام بعمر، وحمزة.

وبعد اسلام عمر أصبحَ المسلمون يَجْهَرون بإسلامِهم وصلاتِهم أمام قريش.

هجرته
بعد هجرة رسولُ اللهِ  وأبو بكر إلى المدينة، بدأت قريشُ تؤذي المسلمين وتمنعُهم من الهجرةِ، ولكن عمرَ -رضي اللهُ عنه- هاجر أمام أعين قريش ودار يحول أشراف مكة واحدا واحدا وهو متقلدُ سيفَه، وقد حمل قوسَه وأسهمَه في يدهِ وذهب إلي الكعبةِ وطاف سبعًا ثم صلى ركعتين عند المقام، وقال لهم: “من أراد أن تثَكَله أمُه (أي تفقده) وَيُيَتَمَ ولدهُ، وترملَ زوجتهُ، فليحقني وراء هذا الوادي فما تبعه أحد”.

شهد الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كلَ الغزوات مع رسولِ الله. وبعد وفاة أبي بكر -رضي الله عنه -أستلم الخلافة من بعده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. حيث وضع دستوراً للناس كلَّه عدل وصدقٌ وأمان. وكان يقول للناس “إن الله قد ابتلاكم بي وابتلاني بكم، وأبقاني فيكم”. وكان مبدأه في حكم الناسَ أنه سوف يحسنُ إلى من أحسن، ويعاقِبُ من يسيء، وأنهم إذا رأوا فيه اعوجاجا أن يقوِموه. فقال له أحدُهم: “والله لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيوفنا”. فلم يغضبْ عمر قائلا “الحمد لله الذي جعل الأمرَ شوري بينَكم وبيني”. 

حُكمه
انشأ عمر بن الخطاب الحكومةَ وعمل لها الدواوين ونظَّم فيها الإدارةَ والقضاءَ وأنشأ فيها بيتَ المال للمسلمين، وهو الذي أشار بوضعِ عِلمِ النحو لحفظِ اللغةِ العربية، كما أنه ألحَّ على أبي بكر في جمعِ القرآن الكريم وبدأ أبو بكر -رضي الله عنه- بجمعِ القرآن الكريم، ولما توفى أكمل عمر حتى كان عهد عثمان -رضي الله عنه-، فكان المصحف الذي  نعرفه الآن.

صفاته
عدله 
من أبرز المواقف التي تبين عدل عمرَ بنِ الخطابِ:
موقفه حينما جاء أحدُ المصريين إليه -رضي اللهُ عنه- يشكو عمرو بن العاص وابنَه الذي كان بينهما سباقٌ بالخيل، فسبق المصريُ ابنَ عمرو بن العاص. فلما غضِبَ ابنُ عمرو بن العاص قام بضربِ المصري بالسوطِ وهو يقول له: “خذها وأنا ابنُ الأكرمين”. فذهب المصري إلى الخليفةِ العادلِ عمر بن الخطاب -رضي اللهُ عنه- لكي يشكو إليه ما فعله ابن عمرو بن العاص ، فأرسل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلي عمرو بن العاص وابنهِ لِيحضرا إليه، فلما وصلا إليه وقدما عليه أعطى للمصري سوطا وطلب منه أن يضربَ ابنَ عمرو بن العاص وهو يقول له: “اضرب ابنَ الأكرمين، فأخذ المصريُ السوطَ وضرب ابنَ عمرو بن العاص”. وقال عمر قولته الشهيرة:“متى استعبدتم الناسَ وقدَ وَلَدَتْهم  أمهاتُهم أحراراً”.


 أنه جعل لكل فردٍ في الدولة راتباً يكفيه، وأعفى الجزية عن أهلِ الكتابِ لمن لا يستطيعُ دفعها، وبلغ من زهده أنه كان يسيرُ وهو في المدينةِ وثوبهُ به أكثرُ من عشرين رُقعة.


وأيضًأ قصتةٌ شهيرةٌ مع أحدِ الرعية، عندما قام ذات يوم على المنبر ليخطب بالناس ، فقال له أحدُهم: “والله لا نستمع إليك وقد ميزت نفسَك علينا يا أميرَ المؤمنين، فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسِك جلبابين”، فنادى عمرُ -رضي الله عنه- على ابنِهِ عبدِ اللهِ ليقولَ له: “يا عبدَ الله، من صاحبُ الجلباب الثاني؟” فيقول عبد الله: “إنه لي يا أميرَ المؤمنين، ولكنى تركتُه لك” فأكمل عمر:“وانتم كما تعلمون أنني رجلٌ طوال“طويلُ القامة” وكان الجلباب الأول قصيراً، فأعطاني ولدي جلبابَه فأَطَلْتُ به جلبابي”فيعتذرُ إليه الرجلُ وهو يقول له: “الآن نسمعُ لك يا أميرَ المؤمنين ونطيع”.


كان عمر -رضي الله عنه -يسطرُ أكبرَ شهادةٍ للإسلام أنه دينُ التسامح والإخاءِ والمودةِ والسلامِ والرحمة. حدث ذلك حين طلب أساقفة بيت المقدس تسليمَها إلى أميرِ المؤمنين بنفسِه، فحضرَ إليهم وكتب لهم أماناً على أنفسِهم وأولادِهم وأموالِهم وجميعِ كنائسهِم لا تهدم ولا تسكن. وحين أذن مؤذنٌ للصلاةِ وكان عمرُ جالساً في كنيسة القيامة خرج مسرعاً ليصليَ خارجَ الكنيسة في الأرضِ الفضاءِ أمامَها، وقال للبطاركة: “لو صليتُ داخلَ الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا “هنا صلى عمر”.وكان العهد الذي سطره التاريخ لعمر منذ ألف وأربعمائة سنة ونيف يقول لأهل إيلياء: “هذا ما أعطى عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين، أعطاهم الأمان”.

حكمته
يظهر عدل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في عدة مواقف منها وحكمته في الحادثة التي سرق فيها غلمان ناقة رجل وأحضر الناس الغلمان الى عمر فرآهم وأجسامهم ضئيلة وهزيلة، والبؤس باد عليهم، ووجوههم صفراء، فأحضر سيدَهم وقال له: “لقد كدتُ أعاقِبُهم لولا علمي أنك تُجيعُهم، فلما جاعوا سرقوا، ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت، وعليك أن تقومَ بدفع ثمنَها إلى الرجل” وقال للغلمان: “اذهبوا ولا تعودوا لمثلِ هذا مرة ثانية”.

زهده وورعه ونزاهته
في عام الرمادة وهو العام الذي حدثت فيه مجاعة شديدة، أمر عمرُ بذبح جزور وهو إبل وتوزيعِ لحمِهِ على أهلِ المدينة، فأُبقيَ لأميرِ المؤمنين جزءً طيباً من لحمِه وعند الغداء وُضِعَ أمامَه، فقال:“بئس الوالي إن أكلت أنا أطيب ما فيها وتركتُ للناسِ عظامَها” وأمر فرُفِعَتْ من أمامِه وطلبَ الخبزَ والزيت.

وفي إحدى جولاتِه التفـتيشية التي كان يفاجئُ بها الأسواقَ وجد أبلاً سمينة، فسأل لمن هذا؟ فقالوا: “إنها إبلُ عبد الله بن عمر” فانتفض عمر بشدة وأرسل في طلب ابنِه عبد الله، وسأله: “من أين لك بثمنها؟” فقال عبد الله: “اشتريتها بمالي لأتاجر فيها” فقال عمر: “ارجعها إلى بيت مال المسلمين، وخذ ما دفعته فيها فقط”.


وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم كان من الأتقياء الصالحين، وهو من رواة الأحاديث. وقد رفـض عمـر رضـي الله عنه- إلحاح أصحابه كي يوليَه منصباً من مناصبِ الدولة، أو أن يرشحَه للخلافة.

تواضعه
حين وفد بعض التجار إلى المدينة ونصبوا خيامَهم على مشارفها، فلما خرج عمر ومعه عبد الرحمن بن عوف ليتفقد أحوالَ القافلة، جلسا على مقربة من القافلة، وقال عمر لعبد الرحمن -رضي الله عنه-: “سنُمضي هنا بقيةَ الليل نحرس ضيوفَنا”. ولكن سمع صوت بكاء طفل فقام ليتبع الصوت، وقال لأم الطفل: “اتقي الله يا هذه، وأحسني إلى طفلك” فقالت له المرأة: “إني أفطمه، ولهذا يبكي” فقال لها عمر: “كيف تفطمينه وهو صغير هكذا؟” فقالت له المرأة: “لأن أميرَ المؤمنين لا يعطي الراتبَ للطفلِ الرضيعِ ويعطيه للفطيمِ فقط”.

ويروى عـن عبـدِ الرحمـن بن عـوف أن أميــرَ المؤمنـيـن عـمر في تلـك الليـلة حـيـن صـلى بالمسلمـيـن الفـجر لـم يستـطع الـناس أن تـتبين قراءته من شدة بكائه. وظـل يـردد: “كـم قتـلـت من أولاد المسلمين يـا عمـر”. وأمـر المنـادي أن ينـادي فـي النـاس: “لا تـعجلـوا بـفـطـام أطفـالكـم” فـقـــد أمـر أمـير المؤمـنـيـن -رضـي الله عـنـه- لكلِ ولـيـدٍ بـراتـبٍ وكـسـوةٍ وطـعـام.

وفاته
وعـاش عمـر بـن الخطـاب -رضـي الله عنـه- وأرضاه حياة لم يشوبها أي ظلم للرعية، فكان نعم الحاكم العادل و ظل يحكمُ بالعدل والإنصاف وعاش بتقشف وزهد حتى كان ذات يوم يصلي بالناس فاختبأ له غلامٌ مـجوسيٌ منَ عَبَدةِ الناريسمى أبا لؤلؤة وطعن عمر بخنجر، ولما قبِض عليه انتحر. 

bottom of page