top of page

جمال الدين الأفغاني

تعريف به
جمال الدّين الأفغانيّ من أشهر روّاد الفكر الإسلامي في القرن التّاسع عشر، كما أنّه كان رائد التّجديد في الفكر الإسلامي، وداعيةً إلى الحرّية والانعتاق من الظّلم والاستبداد.

حياته
وُلِد جمال الدين الأفغانيّ في بلاد أفغانستان، وقد كان أبوه ذا مكانة في بلده، فقد كان مسؤولًا في البلاد في عهد الملك دوست محمد خان، 
وقد ارتأى هذا الملك أن يعزل أباه عن المنصب، ويطلب منه القدوم إلى كابل، وفي كابل ترعرع جمال الدّين، ونشأ مُحبًّا للعلم فدرس القرآن، والفقه واللّغة، وعلوم المنطق، والرّياضيّات، والفلسفة.

صفاته
تميَّز بصفاتٍ وخِصال حسنة، ويُعزى ذلك لنشأته في بيت مجيد، ازدان بالشرف واعتزَّ بالإمارة، والسيادة، والحكم، وتربَّى في كنف أبيه ورعايته، فنشأ عزيز النفس وكانت عزَّة النفس من أخص صفاته، ولازمته طوال حياته.


اتَّصف بأخلاقٍ حربيةٍ حسنة، وكان للحرب التي خاضها أثرَها في اكتسابه هذه الأخلاق الحربية.

إنجازاته 
رافق جمال الدّين الملك دوست في حملته للهجوم على هُرات لفتحها، وعندما حصل ما أراده وتحرّرت هيرات قرّب جمال الدّين إليه، حتّى أصبح من خاصّته، وبعد تولّي شير علي خان المسؤوليّة حصل خلاف بينه وبين إخوته فقرّر جمال الدّين الوقوف مع محمد أعظم، لأنّه توسّم فيه الصّلاح والتقوى، وعندما تمكّن محمد أعظم من البلاد، وبسط سيطرته عليها أصبح لجمال الدّين مكانة كُبرى، عند الملك، ثمّ سعى شير علي خان للعودة إلى الحُكم، فتحقّق له ما أراد، وبقي جمال الدّين على خلافه مع الملك في كابل، ثمّ بدا له أن يسافر إلى الهند، فأقام فيها مدّة يسيرة، يُعلّم النّاس، ويربّيهم على أفكار الإصلاح. 

وقـد ذهـب جـمال الـدّيـن الأفغـانـيّ فـي إحـدى رحـلاتـه إلـى الأستـانة حيـث مركز الخلافة العثمانيّة، وقد كان السّلطان عبد العزيز حينئذ خليفة للمسلمين، فقرَّب السّلطان جمال الدّين وعيّنه في مجلس المعارف، وأغضبت أفكاره الإصلاحيّة شيخ الإسلام في الأستانة، فصدر قرار بترحيل جمال الدّيـن مـن البـلاد، فتوجّه    إلى مصر. 

وفـي مصـر كـان لجـمال الدّيـن الأفغـاني دورٌ كبيـر فـي حـركة الفكر، ولقد اعتُبر الأب الرّوحيّ للثّورة العرابيّة التي أرادت أن تحقّق للمصريين الحرّية والاستقلال، وقد وقف في وجه الخديوي إسماعيل، وعارض سياساته حين أخضـع البـلاد للإنجليـز، بسبـب رعـونة سيـاسـاتـه الاقتصاديّة، وبعد تولّي الخديوي توفيق سدّة حكم البلاد سعى لإبعاد جمال الدّين عنها؛ بحجّة سعيه للإفساد في الأرض، وإحداث الفتنة بين النّاس. وقد رحل جمال الدّين إلى لندن، ثمّ إلى بـاريـس، وفيـها أسّـس جمـعيّة العـروة الوثقى مع محمّد عبده، وأسّس صحيفتها التي حملت اسمها.


إنجازاته
بعد أن أقام الأفغاني في مصر عمل على بث تعاليمه في نفوس تلاميذه، وتتلمذ على يده فئة تحررت عقولهم من القيود، وتميَّزت بالعلم والثقافة، وأُشبِعت من ينابيع الأدب والحكمة.

وبفضله تطور فن الكتابة والخطابة في مصر، وكان يحضر دروسه و يؤمُّها كثير من العلماء والموظفين والأعيان وغيرهم، وهو في كل أحاديثه (لا يسأم) كما يقول عنه محمد عبده، من الكلام الذي يُنير العقل، أو يُطهِّر العقيدة أو يَذهبُ بالنفس إلى معالي الأمور، وكان يسعى لتحويل الفكر إلى النظر في الشؤون العامة مما يعود بالخير على مصلحة البلاد وسكانها، وكان كل من يتعلم من دروسه وحلقات علمه ينقل ما تعلم إلى بلاده وأحيائه ومعارفه مما نشر الوعي والعلم وأزال الجهل في العديد من البلاد خصوصاً في القاهرة.

وتحدث محمد عبده في مقولته عن تطور الكتابة على يد الأفغاني: (كان أرباب القلم في الديار المصرية القادرون على الإجادة في المواضيع المختلفة منحصرين في عدد قليل، وما كنا نعرف منهم إلا عبد الله باشا فكري وخيري باشا، ومحمد باشا سيد أحمد على ضعف فيه، ومصطفى باشا وهبي على اختصاص فيه، ومن عدا هؤلاء فإما ساجعون في المراسلات الخاصة، وإما مصنِّفون في بعض الفنون العربية أو الفقهية وما شاكلها، ومن عشر سنوات ترى كتَبةً في القُطـر المصري، لايشقُّ غبارهم ولايَـوطأُ مِضمارهم، وأغلبهم أحداثٌ في السن، شيوخٌ في الصنـاعة، ومـا منـهم إلا مـن أخـذ عنـه، أو عـن أحـد تـلاميذه، أو قـلد المتـصلين به).

وفاته
توفي صبيحة الثلاثاء 9 مارس سنة 1897م.

bottom of page