top of page

جعفرُ بنُ أبي طالب

نسبه
جعفر بن أبي طالب هو جعفر بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، ابن عمِ رسولِ الله، وأخو عليّ بنِ أبي طالب لأبويه، وهو جعفرُ الطَّيَّار، وأمه فاطمة بنتُ أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أسلم قديمًا، وهاجر الهجرتين، وولد في مكةَ المكرمة سنة 34 قبل الهجرة.

إسلامِه
أسلم جعفر بن أبي طالب قبل أن يدخلَ رسولُ الله  دارَ الأرقم ويدعو فيها. فأسلم بعد إسلامِ أخيهِ عليّ بقليل.

ورُوِي أن أبا طالب رأى النبيَ  يصلي، وعليّ بن أبي طالب عن يمينه، فقال لجعفر: (صل جناح ابن عمك، وصلِّ عن يساره)، قيل: أسلم بعد واحد وثلاثين إنسانًا، وكان هو الثاني والثلاثين. وله هجرتان: هجرةٌ إلى الحبشة، وهجرةٌ إلى المدينة.

ملامحِ شخصيته
أبو المساكين

كنَّاه النبيُ  بأبي المساكين؛ لأنه كان يلازمُهم، فعن أبي هريرة أن الناسَ كانوا يقولون: أكثرَ أبو هريرة، وإني كنتُ ألزمُ رسولَ اللهِ  بشبعِ بطني حتى لا آكل َالخميرَ ولا ألبسَ الحبير، ولا يخْدِمُني فلانٌ ولا فلانة، وكنت ألصقُ بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ الرجلَ الآيةَ هي معي كي ينقلبَ بي فيطعُمني، وكان أخيرُ الناسِ للمسكين جعفرَ بن أبي طالب، كان ينقلبُ بنا فيطعمنا ما كان في بيتهِ، حتى إن كان ليُخْرِجُ إلينا العُكَّةَ التي ليس فيها شيء، فنشُقُّها فنلعقُ ما فيها. 

ذو الجناحين وطيارُ الجنة 
لُقِّب بجعفر الطيار فلما قُتل زيد بن حارثة في معركة مؤتة، أخذ جعفر بن أبي طالب اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قُتل.

 عن الشعبي أن ابنَ عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سلّم على ابنِ جعفر قال: السلامُ عليك يا ابن ذي الجناحين.

وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله: (أُريتُ جعفرًا ملَكًا يطيرُ بجناحيه في الجنة).

وعن البراء بن عازب قال: لما أتي رسولَ الله قتلُ جعفر، داخَلَهُ من ذلك، فأتاه جبريلُ فقال: «إن اللهً تعالى جعل لجعفرَ جناحين مُضرَّجين بالدمِ يطيرُ بهما مع الملائكة».

بعض مواقفه مع الرسول 
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: بعث رسولُ اللهِ جعفرَ بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة، فلما رجع احتضنه وقبَّل ما بين عينيه، ثم قال: (ألا أهَبُ لك؟ ألا أبشرُك؟ ألا أمنحُك؟ ألا أتحِفُك؟) قال: نعم يا رسولَ الله. قال: (تصلي أربعَ ركعات، تقرأ في كلِ ركعةٍ بالحمدِ وسورة، ثم تقول بعد القراءة وأنت قائم قبل الركوع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله خمسَ عشرةَ مرة، ثم تركع فتقولهن عشرًا، تمامَ هذه الركعة قبل أن تبتدئَ بالركعةَ الثانية، تفعل في الثلاث ركعات كما وصفتُ لك حتى تتمَ أربعَ ركعات).

مواقفِه مع الصحابة 
مع أخيه عليّ وزيد

قال رسولُ الله  يوم خرجَ من مكةَ عامَ عُمرةِ القضاء وتَبِعَتْهُم ابنةُ حمزة -رضي الله عنها- تنادي: يا عم، يا عم. فأخذها علي وقال لفاطمة -رضي اللهُ عنها-: دونَك ابنةَ عمِك. فاحتملتها فاختصم فيها عليُ وزيدُ وجعفر -رضي الله عنهم- في أيهم يكفلُها، فكلٌ أدلى بحجة، فقال علي: أنا أحقُ بها، وهي ابنةُ عمي. وقال زيد: ابنةُ أخي. وقال جعفر بن أبي طالب: ابنةُ عمي وخالتُها تحتي. يعني أسماء بنت عميس، فقضى بها النبي  لخالتها.

هجرته 
هاجر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع زوجته أسماء بنت عميس إلى أرض الحبشة، عندما أذن النّبي  لهم بذلك حيث كان فيها ملكاً اسمه النّجاشي، وكان ملكاً عادلاً لا يظلم عنده أحد، وفي أرض الحبشة تزعّم جعفر -رضي الله عنه- لقرابته من النّبي  وسبقه في الإسلام وفد المسلمين الذين التقوا بالنّجاشي وشرحوا له مبادىء الدّين الإسلامي، قد وصلت كلمات جعفر البليغة إلى قلب النّجاشي ولامست شغافها حتّى أنشرح صدره للإسلام، فأسلم عندما أدرك أنّ ما يدعو إليه الإسلام يخرج من نفس مشكاة ما كان يدعو إليه نبي الله عيسى عليه السلام من قبل.

استشهاده
عيّن رسولُ اللهِ  في غزوةِ مؤتة زيدًا أميرًا، فقال رسول الله: (إن قتِلَ زيدٌ فجعفر، وإن قتلَ جعفر فعبدُ الله بن رواحة». قال عبد الله بن عمر: كنتُ فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى، ووجدنا في جسده بضعًا وتسعين من طعنة ورمية.

وذكر أنس أن النبي  نعى زيدًا وجعفرًا وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيَهم خبُرهم، فقال: (أخذ الراية َزيدٌ فأصيب، ثم أخذ جعفرُ فأصيب، ثم أخذ ابنُ رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيفٌ من سيوفِ الله حتى فتح اللهَ عليهم).

ورُوي عن عبد الله بن جعفر أنه قال: أنا أحفظُ حين دخل رسولُ الله  على أمي، فنعى لها أبي، فأنظر إليه وهو يمسحُ على رأسي وعيناه تغرقان بالدموعَ حتى تقطرَ لحيتُه، ثم قال: (اللهم إن جعفرًا قدم إلى أحسنَ الثواب، فاخْلُفْه في ذريتهِ أحسنَ ما خَلَفْتَ أحدًا من عبادِك الصالحين في ذريتهِ).

bottom of page