![](https://static.wixstatic.com/media/729b5a_caf235c335964df0a9dd399eb3e61179~mv2_d_1792_1369_s_2.jpg/v1/fill/w_1792,h_1369,al_c,q_90,enc_avif,quality_auto/729b5a_caf235c335964df0a9dd399eb3e61179~mv2_d_1792_1369_s_2.jpg)
عقبة بن نافع
عقبة بن نافع القريشي، والملقّب بابن رافع، هو من قادة المسلمين في الفتوح، وقد شارك فيها منذ صغره، وولد في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالتحديد قبل الهجرة بعام واحد، وترّبى في أسرة مسلمة، فنشأ على تعاليم الإسلام، وأمّه تلّقب بالنابغة سبيّة، وتمدّه صلة قرابة بالقائد الشهير عمرو بن العاص من جهة أمّه.
حياته
شارك عقبة بن نافع في الجيش الذي وجّهه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لفتح مصر بقيادة عمرو بن العاص، وقاد دوريّة استطلاعيّة للبحث في إمكانيّة فتح شمال أفريقيا، من أجل تأمين حدود الدولة الإسلاميّة من خطر الروم في غرب مصر، وولّاه عمرو بن العاص برقّة، وكان قائداً لحاميتها، وبقي والياً عليها خلال ولاية ولاة آخرين على مصر، واستمرَّ في خلافة كل من عثمان بن عفّان، وعليّ بن أبي طالب؛ إدراكاً منهم أنّه أهل لولاية برقة، وإقراراً بأنّ عمر بن العاص لم يولّه لأنّه أخوه، بل لأنّه على قدر تحمّل هذا العبء، نظراً لمهارته في القتال.
عمل عقبة بن نافع على دعوة قبائل البربر للدخول في الدّين الإسلاميّ، وفي الوقت نفسه أمن غرب الدولة الإسلاميّة من غزوات الروم، كما أنه أخمد الفتنة التي وقعت بين المسلمين، وقدّمها على الاستمرار في الفتوح، والقتال، وبعد تولّي معاوية بن سفيان الخلافة، أكمل عقبة مسيره في الفتوح في شمال أفريقيا،
وأعاد المناطق التي تخلَّت عن طاعة المسملين خلال الفتة، وأعادها لها بالقوة، ثمّ أمدّه معاوية بعشر آلاف مقاتل، فقام بالتوغّل في الصحراء، وبدأ بشنِّ هجمات صغيرة على جيش الروم، ثمَّ بنى مدينة القيروان، التّي عدَّت مركزاً للتقدَّم الإسلامي في المغرب، وقد بنى فيها مسجداً لا يزال موجوداً فيها حتّى يومنا هذا، واسمه جامع عقبة، واستمرّ بناؤها لمدّة خمس سنوات، ثمّ عزله معاويّة عن الحكم.
بعد وفاة معاويّة، استلم ابنه يزيد الحكم، فولَّى عقبة الإمارة ثانية، فسار إلى القيروان، وخرج بجيشٍ كبيرٍ، وحارب الروم، وطردهم من الساحل الإفريقي، وبذلك يكون عقبة قد قضى على قوّة الروم التي كـانت تُهـدِّد الـدولـة الإسـلاميّة في تلك المنطقة.
استشهاده
بعـد غـزو عقبـة لشمـال أفريقيـا، قـام كسيـلة بـن لـزم بقتـله، هو وأبو المهاجر، في السنة الثالثة والستين للهجرة، فقد فاجأهم بقوّة من حلفائه البربر، والبيزنطيين، وهم عائدون إلى مدينة القيروان، وورد أنّ كسيلة قُتل في نفس العام، أو في العام التالي.
النجاشي
تعريف به
هو أصحمة بن أبجر أو أبهر، كان أحد أباطرة مملكة أكسوم التي حكمت الحبشة وما حولها لفترات طويلةٍ، ولقبه النجاشي، كان لقب يطلق على أباطرة الحبشة.
حكم النجاشي مملكة أكسوم وهو في عمر تسع سنينٍ، بعد أن تُوفي عمه، وانتشر العدل والمساواة بين الناس في الفترة التي حكم فيها، وذاع صيته بين الناس حتى أن النبي ّ قال في حقه: “ملكٌ لا يُظلم عنده أحدٌ”، وهذا ما جعل النبي يختار أرض الحبشة حتى تكون ملجأً لأصحابه من أذى قريش، وهناك يستطيعون العيش في سلام آمنين على أنفسهم وعلى دينهم، وكان عددهم في ذلك الوقت ثمانين رجلاً غير الأطفال والنساء، ويقال أن الهجرة قد تمت بين 610م - 629م.
فكانت الهجرتين الأولى والثانية إليها.
قصة إسلامه
عندما وصل المهاجرون من المسلمين إلى الحبشة، وكانوا قد لاقوا المشقة والتعب في طريقهم بسبب تربص قريش لهم، ولما علمت قريش بذلك انزعجت، فأرسلت إلى النجاشي عمرو بن العاص، وهو (داهية العرب)، وعبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا، ليطالبوا الأساقفة باستلام المهاجرين المسلمين، فقدما لهم الهدايا لضمان موافقتهم وتأييدهم على مطلبهم.
ولما دخلا على الملك النجاشي، وطلبا منه تسليم المهاجرين لهم، وكانوا قد أخبروا النجاشي بأن المهاجرين هم غلمان سفهاء خرجوا عن دين قومهم وجاؤا بدينٍ جديدٍ لا يعرفه أحدٌ، فلقي رسولا قريش تأييدًا من البطارقة والأساقفة، لكن النجاشي عُرف عنه الفطنة والعدالة فرفض أن يلبي مطلبهم قبل أن يستمع لردّ المهاجرين عليهم، فتحدث جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- بإسم المهاجرين وقال مخاطبًا الملك: “أيها الملك كنا قومًا أهل جاهليةٍ نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونُسيء الجوار، ويأكل القوي الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولًا منّا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنُوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، وذكر له جعفر -رضي الله عنه- أمور وتعاليم الإسلام كلها، ثم قال: وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفّ عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، فصدقناه وآمنا واتبعناه على ما جاء به من الله -تعالى-؛ فعبدنا الله تعالى وحده، ولم نُشرك به شيئاً وحرّمنا ما حرّم الله علينا، وأحللنا ما أحلّ لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.
وبعد هذا الحديث بدا على النجاشي أنه افتنع بكلام جعفر -رضي الله عنه- وأنه مهتم بأمر هذا الدين الجديد، فطلب منه النجاشي أن يقرأ عليه مما جاء به محمد لهم ففكر جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الآيات التي سيقرؤها على النجاشي، وهداه الله تعالى إلى اختيار بداية سورة مريم، حيث تتحدث عن عيسى وزكريا ويحيى -عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم-، فقرأ جعفر:{كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا * قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا * وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} سورة مريم،1- 22).
وبينما يتلو جعفر -رضي الله عنه- هذه الآيات التي جاءت بسياق لطيف يلامس القلوب والأفئدة، لم يتمالك النصارى أثر تلك الكلمات عليهم، وانهمرت دموعهم بغزارة، وبكى النجاشي حتى ابتلّت لحيته، وبكى الأساقفة، ثم أقر النجاشي بما سمعه من الآيات الكريمة وقال: (إن هذا والذي جاء به موسى (وفي رواية: عيسى) ليخرج من مشكاة واحدة).
وكان كلامه هذا إقرارًا منه بصدق الرسالة، وصدق رسول الله وصِدق جعفر ومن معه، ثم التفت إلى عمرو وعبد الله بن أبي ربيعة وقال لهما: (انطلقا، فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا).
صلاة الرسول عليه بعد وفاته
توفي في العام التاسع للهجرة وقال رسول الله لأصحابه: (اخرجوا فصلّوا على أخٍ لكم مات بغيْر أرضكم)، فخرج بهم إلى الصحراء وصفهم صفوفًا ثم صلى عليه صلاة الغائب، وكان ذلك في شهر رجب.