top of page

علي بن أبي طالب رضي اللهُ عنه

نسبه
هو علي بن ابي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، فهو من أبوين هاشميين و من أشرف بطون قريش وأكرمها، وهو ابن عم رسول الله ، فهما من أبوين شقيقين.

أهم ملامح حياته 
إسلامه

ذكر أبي إسحاق أنّ عليّاً -رضي الله تعالى عنه- رأى يوماً رسول الله  وزوجته خديجة يصلّيان، فقال للرّسول : يا محمّد، ما هذا؟ فقال رسول الله : دين الله الّذي اصطفي لنفسي، وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وإلى عبادته، والكفر باللات والعزّى، فقال له علي -رضي الله عنه-: هذا أمرٌ لم أسمع به قبل اليوم، فلست بقاضٍ أمراً حتّى أحدّث أبا طالب، فكره رسول الله أن يفشي عليّاً سرّه قبل أن يستعلن أمره، فقال له: يا عليّ إن لم تُسْلم فاكتم، فمكث عليّ تلك الليلة، ثمّ أوقع الله في قلب عليّ الإسلام، فأصبح غادياً إلى رسول الله  حتى جاءه فقال: ماذا عرضت عليّ يا محمّد، فقال له رسول الله : تشهد أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وتكفر باللات والعزّى، وتبرأ من الأنداد، ففعل عليّ وأسلم، ولبث عليٌّ يأتيه سرّاً خـوفاً مـن أبـي طـالب، وكتـم عليُّ إسلامه ولم يظهر به.

ليلة الهجرة
أمر رسولُ اللّه  عليًا أن يضطجعَ على فراشه قال له: إن قريشاً لم يفقدوني ما رأوك، فاضطجع على فراشِه، وكانت قريش تنظرُ إلى فراش رسولِ اللّه  فيرون عليه عليّاً فيظنونه النبي ، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليّاً، فقالوا: لو خرج محمدٌ لخرج عليٍّ معه، فحبسهم اللّه بذلك عن طلب النبي  حين رأوا عليّاً -رضي الله عنه- يخرج لوحده. 

وكان علي بن أبي طالب آخرَ من قدم المدينةَ من الناسِ ولم يُفتنْ في دينهِ.

هجرته
لما خرج رسولُ اللّهِ  إلى المدينةِ في الهجرة أمر عليًا أن يُقيمَ بعدَه حتى يؤديَ أماناتٍ كانت عندَه للناس، ولذا كان يُسمَّى الأمين، فأقام ثلاثة أيام قبل أن يلحق بالرسول   والمسلمين إلى المدينة ثم خرجُ وتَبِع طريقَ رسولِ الله .

لحق عليّ -رضي اللّهُ عنه- الرسول  قاصداً المدينة، فكان يمشي الليل ويسكن  بالنهار حتى وصل المدينة، فلما علم النبيَّ  بقدومه قال: ادعوا لي عليّاً، قيل: يا رسولَ اللّه لا يقدر أن يمشي، فأتاه النبي ، فلما رآه اعتنقه وبكى رحمةً لما بقدميه من الورم، وكانتا تقطران دماً، فتَفَل النبيُ  في يديه ومسح بهما رجليه ودعا له بالعافية، فلم يشتكهما حتى استُشْهِدَ -رضي اللّهُ تعالى عنه-.

خلافته
أصبح علي بن أبي طالب رابعَ الخلفاءِ الراشدين بعد استشهِاد عثمان -رضي اللهُ عنه- سنة 35 هـ  و وبايعه الصحابةُ والمهاجرون و الأنصار، فعملَ على توحيدِ كلمةِ المسلميـن وإطفـاءِ نـارِ الفتنـة وأساسها،  فعـَزَلَ الولاةَ الـذين كـانوا مصدرَ الشكوى.

غزواته فى سبيل الله
شهد عليٌّ -رضي اللّه عنه- الغزواتِ مع رسول اللّه ، وبيَّن فيها شجاعةً عجيبةً،  فكانت له مكانةٌ عظيمة، وأعطاه رسولُ اللّهِ  اللواءَ في عدة مواقع.

في غزوةِ بدرِ الكبرى، كان أمامَ رسولِ الله  رايتان سوداوان، إحداهما مع عليٍّ يقال لها (العُقاب) والأخرى مع الأَنصار، فأمرَهُ رسولُ اللهِ  أن يبارزَ في هذه الغزوةِ الوليدَ بن عتبة، فبارزه وقتله وكان من أشد أعداءِ رسولِ اللّه.

وفي غزوةِ أُحُد قام طلحةُ بن عثمان فقال: يا معشَر أصحابِ محمد! إنكم تزعمون أن اللّهَ يعجلُنا بسيوفِكُم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحدٌ يعجلُه اللّهُ بسيفي إلى الجنة، أو يعجلني بسيفِه إلى النار؟ فقام إليه عليٌّ بن أبي طالب -رضي اللّه عنه- فقال: والذي نفسي بيدهِ، لا أفارقُك حتى أُعجِلَك بسيفي النار، أو تُعجلني بسيفِك إلى الجنة، فضربه عليٌّ فقطع رجَله فسقط فانكشفت عورتُه.

فقال: أنشدك اللَّه والرحم يا ابن عم، فتركه، فكبَّر رسول اللّه ، وقال لعليٍّ: ما مَنَعكَ أن تُجْهِزَ عليه؟ قال: إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورتُه فاستحييتُ منه.

وفي غزوة خيبر قال رسولُ اللّه : (لأُعطينَّ اللواءَ غداً رجلاً يحبُ اللّهََ ورسولَهَ، ويحبُه اللّهُ ورسولُه) فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليّاً، وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء.

معركة الجمل
خرج الخليفةُ علي بن أبي طالب من المدينةِ المنورة على رأسِ قوةٍ من المسلمين حتى يدركَ السيدةَ عائشة -رضي اللهُ عنها-، ويعيدَها ومن معها الى مكةَ المكرمة، لكنه لم يلحقْ بهم، فعسكر بقواتِه في (ذي قار) قربَ البصرة، وحدثت محاولاتٌ للتفاهم بين الطرفين ولكن لم يتم الإتفاق فيما بينهم، فنشب القتالُ بينهم وبذلك بدأت موقعةُ الجمل في شهرِ جمادي الآخرة عام 36 هـ، وسُمِّيت بذلك نسبةً الى الجملِ الذي كانت تركبُه السيدةُ عائشة -رضي اللهُ عنها- خلال الموقعة، التي انتهت بانتصارِ قواتِ الخليفة، وقد أحسنَ علي -رضي اللهُ عنه- استقبالَ السيدةِ عائشة وأعادها الى المدينةِ المنورة معززةً مكرمة، بعد أن جهزَّها بكلِ ما تحتاجُ اليه، ثم توجه بعد ذلك إلى الكوفةِ في العراق، واستقر بها، وبذلك أصبحت عاصمةَ الدولةِ الاسلامية.

مواجهة معاوية
قرر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد توليه الخلافة عزلَ معاوية بن أبي سفيان عن ولايةِ الشام، غيرَ أن معاويةَ رفض ذلك، كما امتنع عن مبايعتهِ بالخلافة، وطالب بتسليمِ قتلة عثمان -رضي اللهُ عنه- ليقومَ معاويةُ باقامةِ الحد عليهم، فأرسل الخليفةُ إلى أهلِ الشام يدعوهم إلى مبايعتهِ، وحقنِ دماءِ المسلمين، لكنهم رفضوا، فقرَّر -رضي الله عنه- المسيرَ بقواتهِ إليهم وَحَمْلَهُم على الطاعة، وعدمِ الخروج على جماعةِ المسلمين، والتقتْ قواتُ الطرفين عند (صفين) بالقربِ من الضفةِ الغربيةِ لنهرِ الفرات، وبدأ بينهما القتال يومَ الأربعاء 1 صفر عام 37  هـ، وحينما رأى معاويةُ أن تطورَ القتالِ يسيرُ لصالحِ عليٍ وجندِه، أمر جيشَه فرفعوا المصاحفَ على أسِّنَةِ الرماح، وقد أدرك الخليفةُ خُدعتَهم وحذر جنودَه منها وأمرهم بالاستمرارِ في القتال، لكن فريقا من رجالِه، اضطروه للموافقةِ على وقفِ القتال وقبول التحكيم، بينما رفضَهُ فريقٌ آخر وفي رمضان عام 37 هـ اجتمع عَمرو بن العاص ممثلا عن معاوية وأهلِ الشـام، وأبـو مـوسى الأشعـري عـن علـي وأهلِ العـراق، واتفـقا علـى أن يتدارسا الأمر ويعودا للاجتماعٍ في شهرِ رمضان من العام نفسِه، وعادت قواتُ الطرفين إلـى دمشقَ والكوفة، فلما حان الموعد المتفق عليه اجتمعا ثانيةً، وكانت نتيجةُ التحكيمِ لصالح معاوية.

الخوارج
رفض فريقٌ من جُند عليٍ -رضي الله عنه- التحكيم، وخرجوا عن طاعتِه، فسُموا لذلك بالخوارج، وكان عددُهم آنذاك حوالَي اثني عشر ألفا، حاربهم الخليفةُ وهزمهم في معركةِ النهروان عام 38 هـ، وقضى على معظمِهم، ولكن تمكن بعضُهم من النجاةِ والهربِ وأصبحوا منذُ ذلك الحين مصدرَ كثيرٍ من الفِتن في الدولةِ الإسلامية.


استشهاده
كان رسول الله  قد أخبر عليًا -رضي الله تعالى عنه - انه سيموت قتيلاً، وان قاتله سيكون أشقى الناس.

ويروي علماء التاريخ أن ثلاثة من الخوارج وهم عبدالرحمن بن مُلجِم الحِمْيَري الكِندي والبرك بن عبدالله التميمي وعمرو بن بكر التميمي، قد اجتمعوا وتعاهدوا على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص، على أن يتولى ابن ملجم قتل علي فأتى أصحابه بالكوفة وأسرَّ لهم أمره كراهية أن يظهروا شيئاً منه، وأتى عبدالرحمن بن ملجم رجلاً سفاكاً للدماء من أشجع، وعرض عليه أن يشاركه في جريمته النكراء فقال الأشجعي: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئاً إدًا، كيف تقدر على قتله؟ قال: أكمن له في السحر، فإذا خرج إلى صلاة الفجر شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا، و إن قتَلَنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، قال: ويحك، لو كان غير علي لكان أهون علي، قد عرفت بلاؤه في الإسلام وسابِقَتَه مع النبي  وما أجدني أُشرح لقتله، قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان ؟ قال: نعم نقتله بما قتل إخواننا واتفقا على ذلك، اختبأ ابن ملجم والأشجعي عند الفجر يرقبان قدوم علي، فأقبل علي ينبه الناس للصلاة ويقول: الصلاة الصلاة، فشدَّ عليه الأشجعي فضربه بالسيف فلم يصبه، فشدَّ عليه ابن ملجم فضربه على قرنه فقال: لا حكم إلا لله ليس لك يا علي ولا لأصحابك، وفر من الأشجعي وقبضَ على ابن ملجم، وقدم عليٌ جعدة بن هبيرة ليصلي بالناس صلاة الصبح، وحُمل عليٌّ إلى منزله و حمل إليه عبدالرحمن بن ملجم، فقال: إن مت فاقتلوه، وإن عشتُ فأنا أعلم كيف أصنع به فقال جندب بن عبدالله: يا أمير المؤمنين إن متَ نبايع الحسن؟ فقال: لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر، ولما حضـرته الوفاة جعل يكثر من قول لا إله إلا الله، وقيل أن آخر ما تلفــظ بـه كان {فمن يعمـل مثقال ذرة خيـراً يره * و مـن يعمـل مثقـال ذرة شـراً يـره}(سورة الزلزلة، 7 - 8) .

bottom of page