top of page

عبد الرحمن الناصر لدين الله

تعريف به
عـبد الـرحمـن بـن مـحمد، ابـن الأميـر عـبد الله بـن محـمد بـن عـبد الرحـمن بـن الحكـم الربضـي، يُكـنّى بأبـو المطـرف، ويُلقـّب بالنّاصر لدين الله، وُلِد النّاصر عام 227 هـ وقُتِلَ أباه، وقد مرّ على ولادته ثلاثة أسابيع فقط.

بلـغ عـبد الرحـمن النـاصر مـن العقل والحكمة والرّجاحة وحُسنَ التدبير في الدولة والحرب ما لم يبلغ ملكٌ قبل قطّ، حتّى أن الأسبان – رُغم نصرانيّتهم –  احتفلوا بميلاده عام 1963م، فلم يمرُر على أسبانيا قطّ أن حكمها رجلٌ مثله.

حكم عبد الرّحمن الناصر الأندلس خمسين عامًا، صارت فيها الأندلس أعظم بلاد الدّنيا وقتها، وبلغت ما لم تبلُغه أيّ نظيرة لها في الفتح والعلم والفنّ والمعمار والأدب، وكلّ ما تقوم به حضارات البشر.

فتوحاته
سار على نهجِ عبد الرحمن الدّاخل فقاتل من الكفّار من حاول العصيان وشقّ عصا الطّاعة، وكانت فترة ولايته التي استمرّت خمسين عامًا بأسرِها مليئة بالجهاد، وهو القائل أنّه لما عدّ أيام صفوه طيلة سلطانه، وجدها لم تزِد عن 14 يومًا فقط!

واستطاع عبد الرّحمن النّاصر أن يقيم العدل ويُرسي الأمن ويُعلي كلمة اللّه، فأرسل جيشه إلى المغرب وجميع بلاد القبلة، وصارت الأندلس في عهده أقوى وأشدّ مكانًا بين البلاد، وخرج للرّوم 12 غـزوة انتـصر فيـها، حـتى خنـع لها سلاطين الرّوم ودانوا له بالولاء. 

واشترط عليهم عبد الرحمن الداخل 12 ألف رجل يبنون له الزّهراء على مساحة فرسخ من الأرض في قرطبة.

انجازاته
التطور المعماري في الأندلس في عهده

أعظـم ما شُيـِّد في فـترة حُكـمه، هـي مديـنة الزّهـراء التـي كانـت مـن مُعجـزات زمـانه، وكـان النّـاس يَفِـدُون من كـل نواحِ العالم ليُشاهدوا هذه التّحفة المعماريّة، وقد أرسل في استجلاب مقتنياتها وموادّها من القسطنطينيّة وبغداد وأوروبّا وتونس، وهي ذات ثلاث طبقات، سُفلى للحرّاس والكُتبة والعمّال، والعُليا للوزراء وأصحاب شؤون الدّولة، ووسطى وبها قصر الخلافة. 

وقـد قطـع كـلّ مـن دخل هـذا القصـر من كلّ الطبقات أنّه لم يرَ لها شبهًا ولم يخل أنه قد يكون شيءٌ مثلها قطّ، وقد كان أكبر ما يأمله من يمرّ بالأندلس، هو أن يرى القصر من بعيد أو حتّى أن يسمع خبره.


مدينة قرطبة
اتّسعت أرضها في عهد النّاصر، وبلغ عدد أهلها النّصف مليون، وكانت ثاني أكبر بلاد العالم، تعدادًا آنذاك تسبقها بعدها ذات الاثنين مليون، كان بها 113 ألف دار، و3 آلاف مسجد، وكان بقصر الزّهراء وحده 400 دار، وكانت من حُسنها ذلك الحين أن سُمّيت (جوهرةَ العالم).

مسجد قرطبة
توسّع عبد الرحمن الناصر في رقعة المسجد حـتى بلـغ مـن الحُسـن والإتـقان أيّ مبلـغ، فكان آيةً من آيات الفنّ المعماريّ.

التطور الاقتصادي في عهده
عاشت الأندلس في عهده في رغدٍ ورخاء عظيم، فكانت ميزانية الدّولة 6 مليون دينار ذهبي، يذهب ثلثها للجيش، وثلثها للمعمار والبناء والرواتب، والأخير للإدّخار. 

وكانت الزّراعة كذلك في ازدهارٍ كبير، فقد تنوّعت المحاصيل وربَت، وطُوِّرت أساليب الرّي والحرث، كما أولى عنايةً بالتعدين واستخلاص الذّهب والفضّة والنّحاس، والدّباغة وصناعة الجلود والسُّفن والأدوية، وأقام أسواقًا للحِرفيين والسّلع، وبلغوا من التّرف أنْ كانت هناك أسواق للزّهور والوَرد.

الأمن والعدل في الأندلس في عهده
عَنِيَ عبد الرّحمن النّاصر بخطّة الشرطة أبلغ عناية، وقسّمها إلى 3 مراتب، شرطة عليا، ووسطى وصُغرى، وقسّم خطّة المحاكم إلى خطّتين.

اهتمامه بالعلم
اهتمّ عبد الرحمن الناصر بالجانب العلمي إهتمامًا شديدًا، فتطوّرت نواحِ العلم تطوّرًا كبيرًا، حتى صارت الأندلس في عهده رائدة العالم في العلوم،  وزاد عبد الرحمن الناصر من خزينة مكتبة قرطبة حتّى صارت ذات 400 ألف كتاب كلّها منسوخة يدويًا على يد النسّاخين، وكُتبت في عهده وصدرت الكثير من المصادر والتراجم والكتب العظيمة مثل حسّان بن عبد الله بن حسّان، ومحمد بن عبد الله الليثي.

وفاته
تـوفّي فـي رمضان 350 هـ في عمر يناهز 73 عامًا، بعد مدّة خلافة دامت 50 سنة و6 أشهر.

bottom of page