top of page

طريف بن مالك

تعريف به
طريف بن مالك من البربر، يكنى: أبا زُرْعَة، وهو طريف البربري مولى موسى بن نصير، الذي تُنسب إليه جزيرة طريف، وطريف ينتسب إلى قبيلة بَرغواطة البربرية من البرانس. 

إنجازاته
صاحب أول سرية في الأندلس

كتب موسى بن نصير إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، يخبره بالذي دعاه إليه يليان (حاكم سبتة) من أمر الأندلس، ويستأذنه في اقتحامها، وكتب إليه الوليد: (أن خُضْها بالسرايا، حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرّر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال)، وراجعه موسى: (أنه ليس ببحرٍ زَخّار، وإنما هو خليج منه يبين للناظر ما خلفه)، فكـتب إليـه: (وإن كـان، فـلا بـد من اختـباره بالسرايا قبل اقتحامه).

ويبدو أن طريف بن مالك، برز من جملة مَن برز في عمليات موسى العسكرية، فلفت إليه الأنظار، ومنهم نظر موسى، وكان موسى بعد أن سيطر على إفريقية والمغرب سيطرة كاملة، يتطلع إلى فتح الأندلس، فقد كان حاضر إفريقية والمغرب ومستقبلهما بالنسبة لتوطيد أركان الفتوح فيهما، مهدّداً من الروم أولاً ومن القوط الغربيين في الأندلس ثانياً، وقـد هاجـم موسى قواعد الروم في البحـر الأبيض المتوسط: صِقِلِّـيَة وسَرْدانِيَة، وفتح مَيُوْرَقَة ومَنُوْرَقَة، لـغرض حماية فتوح إفريقية والمغرب من الروم؛ لأن الهجوم أنجع وسائل للدفاع؛ وبقي على موسى فتح الأندلس، لوضع حدّ نهائي لتهديد القوط الغربيين -الذين يحكمون الأندلس- لحاضر ومستقبل فتوح المسلمين في إفريقية والمغرب.

سرية طريف بن مالك إلى الأندلس
بعد موافقة الخلافة الأموية أرسل موسى بن نصير في شهر رمضان من سنة 91هـ  -710 م) سرية استطلاعية إلى جنوبي الأندلس، مؤلفة من خمسمائة مجاهد، منهم مئة فارس، والباقي من المُشاة، بقيادة أبي زُرْعَة طريف بن مالك.

وعَبَرَ هذا الجيش الزّقاق، والزّقاق اسم يطلق أحياناً على المضيق بين الأندلس وشمالي إفريقية، من سبتة بسفن يليان أو غيره، ونزل في جزيرة بالوما في الجانب الإسباني، وعُرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد: جزيرة طريف.

ومن ذلك الموقع الذي اتخذه طريف وسريته الاستطلاعية القتالية قاعدة أمامية متقدمة، قام طريف وسريته بسلسلة من الغارات السريعة على الساحل الأندلسي الجنوبي بإرشاد يليان وصحبه، وأغار على الجزيرة الخضراء، فأصاب غنيمة كبيرة، ورجع سالماً في رمضان أيضاً سنة إحدى وتسعين الهجرية، فلما رأى الناس ذلك تسرّعوا إلى الغزو، وتشجعوا على    فتح الأندلس.

وجاءت قوة من أنصار يليان وأبناء غيطشة لعون المسلمين، كما قامت تلك القوة بحراسة موقع إنزال المسلمين في جنوبي الأندلس، وكانت نتيجة الغارة الاستطلاعية التي قادها طريف، أن المسلمين غنموا مغانم كثيرة وسَبياً عديداً، وقوبلوا بالإكرام والترحيب، وشهدوا كثيراً من دلائل خصب الجزيرة وغِنَاها، وعادوا في أمنٍ وسلام، وقصّ قائدهم طريف على موسى نتائج رحلته، فاستبشر بالفتح، كما تشجع موسى، وأخذ يستعد لإرسال حملة عظيمة تقوم بالفتح المستدام.

وقد كانت مهمة سرية طريف مهمة استطلاعية، هدفها الحصول على المعلومات عن طبيعة الأرض والسكان وأساليب قتالهم ودرجة ضراوتهم، وتفاصيل قيادتهم، ومبلغ الثقة المتبادلة بين القيادة والسكان، ومبلغ حرص السكان والقيادة على الدفاع عن أرضهم ، وكان لقيام طريف بعدّة غارات في المنطقة دون أن يلاقي أيّة مقاومة، نتيجة مهمة واحدة، هي: عدم حرص القيادة والسكان على الدفاع عن أرضهم كما ينبغي، وهي نتيجة على درجة عالية من الأهميـة بالنسبة لخـطط الفتـح، وبـالنسبة للمسلمين الفاتحين.

وقد تعدَّت مهمة طريف كذلك إلى مهمة استطلاع حقيقة نوايا يليان، ومَن معه تجاه السلطة القائمة في الأندلس، والمتمثلة بالملك لذريق ونظامه، وحقيقة نواياه ومَن معه تجاه المسلمين الفاتحين، وقد أثبتت سرية طريف الاستطلاعية، أن يليان ورجاله يحقدون على لذريق، ولا يتأخرون عن التشبُّث بكل وسيلة ممكنة للقضاء عليه، وأن غرضهم هو التعاون والمعاونة وليس خدعة بل حقيقة لا غبار عليها.

وقد أدَّى طريف ورجاله واجبهم الاستطلاعي المزدوج على أتم ما يرام، وكان استطلاعه تمهيداً لوضع خطة فتح الأندلس موضع التنفيـذ العمـليّ فـي ميادين القتال.

وفاته
لم يذكر أحد من المؤرخين سنة وفاته.

bottom of page