top of page

شريح القاضي

نسبه
شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر ابن الرائش بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع من كندة، كان من كِبار التابعين، أدرك الجاهلية ثم أسلم في حياة النبي  وانتقل من اليمن زمـن الصـدّيق، وكـان شاعرًا قاضيًا.

صفاته
عدله وورعه

يُروى أن ابنًا لشريح قال لأبيه إن بيني وبين قوم خصومةً فانظر فإن كان الحق لي خاصمتهم وإن لم يكن لي الحق لم أخاصم، فقَصَّ قصَّته عليه فقال: انطلق فخاصمهم، فانطلق إليهم فخاصمهم، فقَضى علـى ابنـه، فقـال لـه لمـا رجـع إلى أهله: والله لو لم أتقدم إليك لم ألمُك، فضحتني، فقال: يا بني والله لأنت أحب إلي من ملئ الأرض مثلهم ولكن الله هو أعز عليّ منك، خشيت أن أخبرك أن القضاء عليك فتصالحهم فتذهب ببعض حقهم.

كيف تولى قضاء الكوفة
تولَّى شريح القضاء بعد عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وكان السبب في ذلك أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أخذ من رجل فرسًا على سوم يحمل عليه رجلًا، فعَطَب الفرس فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا فاختار الرجل شريحًا فأتيا شريحًا فقال: يا أمير المؤمنين أخذْتَه صحيحًا سليمًا على سوم، فعليك أن تردَّه سليمًا كما أخذته قال: فأعجبه ما قال ثم بعثه قاضيًا وأوصاه فقال: إذا أتاك أمر في كتاب الله فاقضِ به فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله   فاقض به، فإن لم يكن فيهما فاقض بما قضى به أئمة الهدى، فإن لم يكن فأنت بالخيار، إن شِئْت تجتهد رأيك وإنْ شئت تؤامرني، ولا أرى مؤامرتك إياي إلا أُسلم لك.

وبقي شريح على قضاء الكوفة ستين سنة، وقضى بالبصرة سنة، وقد وَلِي القضاء من سنة اثنتين وعشرين، روى ميسرة عن شريح أنه قال: (ولّيت القضاء لعمر، وعثمان، وعلي، ومعاوية، ويزيد بن معاوية، ولعبد الملك إلى أيام الحجاج، فاستعفَيْـت الحجـاج) أي طلبـت إعفائـي مـن القضاء، وكان له يوم استعفائه مائة وعشرون سنة، وعاش بعد استعفائه سنة، وكان ذا فطنة، وذكاء، ومعرفة، وعقل، وكان أعلم الناس بالقضاء حتى قال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه يا شريح، أنت أقضى العرب.

شريح يقضي في درع علي
روي عن الشعبي قال: وجد علي بن أبي طالب درعه عند رجل نصراني فأقبل به إلى شريح يخاصمه، فقال علي: هذا الدرع درعي لم أبع ولم أهب، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنيـن؟ فقـال الـنصرانـي: ما الدرع إلا درعي، فالتفت شريح إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين هل من بيّنة؟ قال: فضحك علي وقال: أصاب شريح، ما لي بينة، فقضى بها للنصراني، قال: فمشى خطوة ثم رجع فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أميرُ المؤمنين قدّمني إلى قاضيه وقاضيه يقضي عليه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين قد سقطت منك وأنت منطلق في الجيش إلى صفين، فقال علي كرم الله وجهه: أما إذا أسلمت فهي لك وحمله على فرس.

  
شريح يقضي في ولد هرة
اختُصم إلى شريح في ولد هرة، فقالت امرأة: هو ولد هرتي، وقالت الأخرى: بل هو ولد هرتي، فقال شريح: ألقها مع هذه، فإن هي قرت ودرت واسبطرت فهي لها، وإن هي هرَّت وفرَّت واقشعرَّت، فليس لها، وقوله: اسبطرت، أي: امتدت للرِّضاع.

وفاته
قد اختُلف في سنة وفاته -رضي الله عنه- فقد حكى البخاري في تاريخه: أن شريحًا توفي سنة ثمان وسبعين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وقال غيره: سنة تسعٍ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين، وقيل: سبع وسبعين،  وقيل: تسع وتسعين، 
وقال أبو نعيم: مات سنة ستٍ وسبعين، وقال علي بن المديني: مات شريح سنة سبع وتسعين، وقال أشعث بن سوار: مات شريح، وله مائة وعشرون سنة.

وقد أوصـى شريـح أن يُصلّى عليه بالجبانة، وأن لا تتبعه صائحة وأن لا يجعل على قبرِه ثوب وأن يُسرع به السير وأن يُلحد له.

bottom of page