top of page

رجال صالحين من قوم نوح

ود و يغوث و سواع و يعوق و نسر

هم خمسة رجال صالحين عاشوا قبل أن يولد قوم نوح، وهم من أجداد قوم نوح عاشوا زمنًا ثم ماتوا، وبعد أن ماتوا صنع الناس لهم تماثيل تكريمًا لهم وحتى تكون ذكرى لهم، وبعد فترة من الزمن مات الذين نحتوا التماثيل، فأصبحت تظهر الأقاويل والقصص والحكايات حول التماثيل، وبدأ الناس يألهون هذه التماثيل التي لا تملك نفعًا ولا ضرًا، وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.

قال تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}(سورة نوح،23)
وذكرت الروايات التاريخية أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، ولما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن ينصبوا لهم تماثيل، وسموها بأسمائهم، ولم يعبدوها، لكن بعدما هلك أولئك الذين صنعوهم، بدأ الناس يُألِّهُون التماثيل ويعبدونها. 

وقال ابن جرير في (تفسيره): كانوا قومًا صالحين بين آدم ونوح، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا، قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، دبَّ إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم. 

عن عروة بن الزبير أنه قال: ود، ويغوث، ويعوق، وسواع، ونسر: أولاد آدم. وكان وُد أكبرهم، وأبرَّهم به. 

وعن أبي جعفر قال: ذكر وداً رجلاً صالحاً، وكان محبوباً في قومه، فلما مات عكفوا حول قبره في أرض بابل، وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان. 
ثم قال: إني أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ 
قـالـوا:نـعـم. 
فصور لهم مثله. 
ووضعوه في ناديهم، وجعلوا يذكرونه، فلما رأى ما بهم من ذكره. 
قال: هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالاً مثله ليكون له في بيته فتذكرونه؟ 
قالوا:نعم. 
فمثَّل لكل أهل بيت تمثالاً مثله، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به. 
وأدرك أبناؤهم، فجعلوا يرون ما يصنعون به وتناسلوا ودرس أثر ذكرهم إياه، حتى اتخذوه إلهاً يعبدونه من دون الله، أولاد أولادهم، فكان أول ما عُبِد غير الله (ود) الصنم، الذي سموه وداً. 

ومقتضى هذا السياق: أن كل صنم من هذه، عبده طائفة من الناس.
 
وقد ذُكِر أنه لما تطاولت العهود والأزمان، جعلوا تلك الصور تماثيل مجسدة ليكون أثبت لهم، ثم عُبِدَت بعد ذلك من دون الله عز وجل. 

وقد ثبت في (الصحيحين) عن رسول الله ، أنه لما ذكرت عنده أم سلمة، وأم حبيبة تلك الكنيسة التي رأينها بأرض الحبشة، يقال لها: مارية، فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل).
ويَقصِـد مـن هـذا الحـديـث أنـه لمـا عـم الفسـاد وانتشـر في الأرض، وبدأ الناس يعبدون الأصنام فيها، بعث الله تعالى عبده ورسوله نوحاً -عليه السلام-، ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهى عن عبادة ما سواه.

bottom of page