top of page

داودُ بنُ نُصيرٍ الطائي

نسبه 
داود بن نصير الطائي أبو سليمان، من أئمَّة المتصوفين، كان في أيام المهدي العباسي وكان كبيرَ الشأَن، أصلُه من خراسان، ومولِده بالكوفة، رحل إلى بغداد، فأخذ عن أبي حنيفة وغيره، وعاد إلى الكوفة، فاعتزل الناس، ولَزِم العبادة إلى أن مات فيها. 

وُلد الإمام الفقيه القدوة الزاهد داود بن نصير الطائي، أبو سليمان الكوفي، حسب ما ذَكر الذهبي في كتاب سِيَر أعلام النبلاء بعد المئة بسنوات، واعتبره أصحاب السِّير من الطبقة السابعة من أتباع التابعين.

ويُشير الذهبي أيضاً إلى أن داود الطائي كان من كبار أئمة الفقه والرأي، وقد بَرَع في العلم بفقه أبي حنيفة، يقول ابن عيينة في ذلك: كان داود ممن عَلم وفَقه ونَفذ في الكلام فحذف إنساناً، فقال أبو حنيفة يا أبا سليمان طال لسانك ويدك فاختلف بعد ذلك سنة لا يسأل ولا يجيب، قلت حرب نفسه ودربها حتى قوي على العزلة، وذكر أيضاً الذهبي على لسان أبو أسامة قوله: جئت أنا وابن عيينة إليه، فقال قد جِئتُماني مرة فلا تعودا، ومن ثم فقد آثر الصمت ولَزِم الخمول، وقد ساق الذهبي العديد من المواقف الدالة على عُزلته الإختيارية، فذكر أنه كان إذا أدَّى الفريضة أسرع إلى منزله.

صفاته
العابد الزاهد

وفي صفاته قال أبو نعيم الأصبهاني في حِلية الأولياء، والذهبي في سير الأعلام إنه كان متعبداً أوَّاهاً مستغفراً بالسَّحَر، ورُوي أن الطائي كان له جارة تسمى أم سعيد، قالت في عبادته: كان بيننا وبين داود الطائي جدار قصير، فكنت أسمع حنينه عامة الليل لا يَهدأ، وربما ترنم في السَّحَر بالقرآن، فأرى أن جميع النعيم قد جمع في ترنمه وكان لا يسرج عليه.

كمـا يرصـد الذهـبي في السيـر العديـد من المـرويات عن مدى زُهد الطائي واستغنائه عن الناس، بل وزهده في الدنيا كلها وقال حفص الجعفي: ورث داود الطائي عن أمه أربعمئة درهم، فمكث يتقوت بها ثلاثين عاماً، فلما نفدت جعل ينقضُ سقوف الدويرة فيبيعها ليقتات منها.


وقال عطاء بن مسلم: عاش داود عشرين سنة بثلاثمئة درهم فقط، وكذلك عن قبيصة قال: حدثني صاحب لنا أن امرأة من أهل داود الطائي صنعت ثريداً بسمن ثم بعثت به إلى داود حين إفطاره مع جارية لها، وكان بينها وبينهم رضاع، قالت الجارية: فأتيته بالقصعة فوضعتها بين يديه في الحجرة، فسعى ليأكل منها فجاء سائل فوقف بالباب، فقام فدفعها إليه وجلس معه على الباب حتى أكلها، ثم دخل فغسل القصعة ثم عمد إلى تمر كان بين يديه، قالت الجارية: ظننت أنه كان أعده لعشائه فوضعه في القصعة ودفعها إليَّ وقال: أقرئيها السلام: قالت الجارية: ودفع إلى السائل ما جئناه به، ودفع إلينا ما أراد أن يفطر عليه، قالت: وأظنه ما بات إلا طاوياً (أي جائعاً). وذكر عن حماد بن أبي حنيفة قوله: جئت داود الطائي والباب عليه مصفق فسمعته يقول: اشتهيت جزراً فأطعمتك، ثم اشتهيت جزراً وتمراً، ليت ألا تأكليه أبداً، فاستأذنت وسلَّمت ودخلت فإذا هو   يعاتب نفسه. 

وفاته
مات سنةَ 162هـ، وقيل: سنةَ خمسٍ وستين ولم يَخْلُفْ بالكوفةِ أحدًا مثلَه.

bottom of page