top of page

الرجل الصالح و صاحب الجنتين

ذكر القرآن الكريم قصة الرجل الصاحب، وصاحب الجنتين في القرآن الكريم، ولم تذكر الآيات الكريمة اسمهما، كما لم تحدد زمانهما ومكانهما وقومهما، فلا نعرف مَن هما، ولا أين عاشا، ولا في أيِّ زمان وُجِدا.

وتتلخص القصة بأن الرجُلَ المؤمن، قد ابتلاه الله تعالى بضيق الرزق، وقلة المال، لكنه بالمقابل وهبه الله تعالى قوة الإيمان والرضا بقدر الله تعالى.

أما صاحبه الكافر، فقد ابتلاه الله فأوسع عليه الرزق، ووهبه المال الوفير في الدنيا، فجعل الله له جنَّتَيْن، أي مزرعتين، وكان ذلك اختبارًا لكيفية مقابلته لهذه النعم، هل سيشكر ويقر بنعم الله تعالى عليه أم سيكفر.

ووصف الله عز وجل المزرعتين اللاتي وهبها له في آيات من سورة الكهف بقوله: {جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِن أعنابٍ وحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وجَعَلْنَا بينهما زَرْعًا* كِلتا الجنَّتَيْن آتتْ أُكُلَهَا ولم تَظْلِم منه شَيئًا وفَجَّرْنَا خلالهما نَهَرًا * وكان لهُ ثَمَرٌ} (سورة الكهف،32-34).


أي أن المزرعتين كانتا لأشجار أعناب، وكانتا محاطتان بالنخل من جميع الجهات، وقد فجَّرَ الله له نهرًا بين المزرعتين، وكان صاحبهما يجني ثمار الأعناب، وثمار النخل، وثمار الزرع.

أُعجِبَ الرجلُ الكافر بمزرعتيه، واعتزَّ وافتخر بهما، وغره ما يملك، فدخل مزرعتيه وهو يكفر بنعمة الله تعالى، فظلم نفسه، وتكبر على الآخرين، وأخبرهم أن مزرعتاه أبديتان وأنهما لن تبيدا أبدًا، وتفاخر بأنه أغنى الناس وأسعدهم، وكفر وأنكر بوجود الآخرة، وبوجود جنة عند الله غير مزرعتيه. 

وعندما سمع ورأى منه ذلك صاحبه المؤمن الفقير، ذكّره بنعمة الله تعالى عليه، ونصحه ودعاه إلى الإيمان بالله وشكره، والاتكال على الله تعالى وأن لا يتكل على مزرعتيه اللتان لن تدوما، ودعاه إلى أن يقول: {مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله} (سورة الكهف،39)، وحذَّره أن تأتي على المزرعتين صاعقة وتحرقهما.

وبـالـرغـم من ذلك بقـي الـكافرَ مغـرورًا بمـزرعتـيه، ورفـض توجـيه وتـحـذير صاحـبه المـؤمـن، وازداد غـروره واعتـزازه بمـزرعتـيه واعـتـماده عليـهما، ثـم حـدث مـا حـذَّره منـه صـاحـبه المـؤمن، فأرسـل الله عـلى مزرعتـيه صاعقـة، فأحرقتـهما بـكل ما فيـهما من نـخل وعـنب وزرع، فـلم يبـقَ مِـن المزرعتين شيء، وحدث ذلك في ساعة من سـاعات اللـيل، وفـي الصبـاح ذهـب الرجـل الـكافر إلـى جنـتيه كعـادته، فرآهـما فانيـتان، فأيـقن بأنـه خسـر كـل شـيء ونـدم عـلى أنـه لـم يستـجب لصـاحبه المؤمن.

وكان قول الله تعالى في القرآن الكريم ردًا وتعقيبًا على هذه القصة، فقال في الآية الأخيرة: {هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} (سورة الكهف،  44).

bottom of page